مرحبا بك في موقع كلمات
  الخميس 18 رمضان 1445 هـ
 القـائمـــــة الرئيسيـــــة
 أقســـــام المطويـــــات
 شـــــــارك معنـــــــــا

اجعل موقعنا صفحتك الرئيسية    أضف موقعنا للمفضلة    قالب xml لعرض جديد المطويات لأصحاب المواقع.

المتصفحين: 59

  أقسام المطويات الدعوة و التربية أخي الشاب دع الفراغ وابدأ العمل
24 أغسطس 2002 أخي الشاب دع الفراغ وابدأ العمل  
دار الوطن
أرسلها لصديق أرسلها لصديق
طباعة المقال عرض للطباعة
إضافة مرجع إضافة مرجع
تصحيح خطأ إملائي تصحيح خطأ
عدد القرّاء عدد القرّاء: 27602

(2628 كلمة)

صورة المطوية

الحمد لله حمداً يبلغ رضاه، وصلى الله على نبيه ومصطفاه، وعلى آله وصحبه ومن والاه الى يوم الدين. أما بعد:

هل تأملت هذا الرجل الذي احدودب ظهره، وابيض شعره، وتثاقلت خطاه، وخارت قواه، وسقط حاجبيه، وتناثرت أسنانه؟ فهو يقوم بصعوبة، ويقعد بصعوبة، وينام بصعوبة، ويصلي بصعوبة، ويصوم بصعوبة، ويأكل بصعوبة، ويشرب بصعوبة، ويقضي حاجته بصعوبة.

هل تأملت هذا الرجل؟ ألم يكن شاباً مثلك..؟ يعيش حياة الشباب.. ويسير سيرهم.. ويلهو لهوهم.. ويلعب لعبهم..، لقد ظن هذا الرجل أن أيام الشباب طويلة.. وأن قوة الشباب قاهرة.. وأن نضرة الشباب تزهو على الليالي والأيام !!

واليوم.. وبعد أن كبرت سنه.. وضعف بنيانه.. وتنوعت أسقامه.. يبكي على ما ضاع من عمره في اللهو واللعب.. يبكي على قوة الشباب التي ولت، وعلى نضرة الشباب التي استبدلت بالكبر والشيخوخة.. ويتمنى أن يعود إليه شبابه وقوته ليصرفها في طاعة الله ورضوانه. ولكن هيهات هيهات.. فكل يوم انشق فجره ينادي ابن آدم ويقول: يا ابن آدم ! أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني لن أعود الى يوم القيامة.

إن هذا الرجل يعيش اليوم في ندم وحسرة.. لماذا؟ لأنه لا يقوى على عبادة الله في زمن العجز والضعف والوهن.. يريد الصلاة فلا يستطيع.. يريد الصيام فلا يستطيع.. يريد الحج والاعتمار فلا يستطيع.. يريد زيارة القبور وتشييع الجنائز فلا يستطيع.. قد هدّه المرض.. وتكاثرت عليه الأوجاع.. ولذلك فإنه يبكي.

بكيت عـلى الشــــباب بدمع عيني *** فلــم يغن البكــــــاء ولا النحيب

فيا أسفاً أسفـــت عـــــلى شـــباب *** نعـاه الشيب والرأس الخضيب

عريت من الشباب وكنت غصناً *** كمـا يعرى من الورق القضيب

فيا ليت الشــــــباب يعــــود يوماً *** فأخـــبره بما فعــــل المشـــــيب

احذر طول الأمل !!

أخي الشاب: قد تقول: وما الذي يجعلني أنتظر حتى أصل الى هذا الحد من الضعف والوهن.. إني سأتوب قبل ذلك العمر.. ربما في الأربعين أو بعد ذلك بقليل، وهي سن يكون الإنسان فيها متمتعاً بكامل صحته وقواه، وحينئذ أجمع بين الأمرين: متعة الشباب، وعبادة الله بعد ذلك.. والله تعالى غفور رحيم.. يتوب على العبد متى تاب، ولو في الخمسين من عمره أو الستين أو السبعين ما لم يغرغر على الموت.

ولبيان زيف هذا التصور – أخي الشاب – أحب أن أسألك هذا السؤال: من يضمن لك أن تصل الى الثلاثين أو الأربعين أو الخمسين؟ بل من يضمن لك البقاء الى غد؟ بل من يضمن لك أن تقوم من مقامك؟ أما تعلم أن الموت يأتي بغتة؟ وأنه ينزل بالشباب كما ينزل بغيرهم؟ أما رأيت كثيراً من أقرانك أخذهم الموت فأصبحوا من سكان القبور؟

هل تمكن هؤلاء من التوبة؟ وهل تمتعوا بالمهلة؟ وهل استفادوا في قبورهم من تضييع الأوقات في الملاهي والمنكرات؟ وهل وصلوا السن التي تريد أن تصل إليها ثم تتوب بعدها؟ فلماذا تؤمل البقاء في هذه الدار، وطريقك محفوف بالمكاره والأخطار؟

ولماذا التسويف والغفلة؟ وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].

قال ابن الجوزي: يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعداً، ولا يغتر بالشباب والصحة، فإن أقل من يموت الأشياخ، وأكثر من يموت من الشباب، ولهذا يندر من يكبر وقد أنشدوا:

يُعـــمّر واحــد فيـغرّ قـــوماً *** ويُنسـى من يمـوت من الشباب

ومن الاغترار: طول الأمل، وما من آفة أعظم منه، فإنه لولا طول الأمل ما وقع إهمال أصلاً، وإنما تتُقدّم المعاصي وتُؤخر التوبة لطول الأمل وتبادر الشهوات.

تؤمل في الدنيا قليلاً ولا تدري *** إذا جـن ليل هل تعيش الى الفجر

فكم من صحيح مات بغير علة! *** وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر

شباب عاجز:

وكذلك – أخي الشاب- إذا وصلت الى سن الأربعين فما يدريك أنك ستكون متمتعاً بقواك في هذه السن كما زعمت؟ قادراً على عبادة الله على أكمل وجه؟

أما يمكن أن يصاب ابن العشرين أو الثلاثين أو الأربعين بالأمراض التي تزلزل أركانه؟ وتجعله طريح الفراش حبيس الأسرّة البيضاء؟ أما يمكن أن يبتلى ابن العشرين أو الثلاثين أو الأربعين بالحوادث المروعة التي لا يستطيع بعدها حراكاً؟

فالله الله في تجديد التوبة، عساها تكف كف الجزاء، والحذر الحذر من الذنوب، فإن المبارزة لله تسقط العبد من عينه، ومتى سقط العبد من عين الله في أي أودية الدنيا هلك !

عاقبة التسويف:

أخي الشاب: هناك أمر آخر قد خفي عليك، وهو أن التسويف لا يقف عند حدّ، بل هو بحر لا ساحل له، والأماني لا تنقطع بصاحبها، ولا يزال العبد يسوف حتى يصير مجندلاً في قبره.. فإذا بلغ الثلاثين قال: سوف أتوب غداً.. وإذا جاوز الأربعين قال: سأتوب غداً.. وإذا بلغ الخمسين قال: غداً.. وإذا بلغ الستين قال: غداً غداً.. وكل يوم يمر عليه يزداد فيه بعداً من الله، ونفوراً من التوبة وسبيلها.. فالحازم من عزم على التوبة من ساعته، وترك سبل الغواية الآن قبل غده.

قال الحسن رحمه الله: إن قوماً ألهتهم أماني المغفرة، حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي وكذب.. لو أحسن الظن لأحسن العمل.

خذ من شبابك قبل الموت والهرم ** وبادر التوب قبل الفوت والندم

واعـــلم بأنك مجــزئ ومــــرتهن *** وراقـــب الله واحـذر زلة القـدم

فيا أيها الشاب: إياك والتسويف بالتوبة، والاتكال على العفو والمغفرة، فالله تعالى كما أنه غفور رحيم، فإنه أيضاً شديد العقاب، ذو بطش شديد، وأخذ أليم. قال تعالى: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ [البروج:12]. وقال سبحانه: إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]. وقال النبي : { إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته} [متفق عليه].

وهناك ثلاثة أسباب للتراخي والميل الى اللذات:

أحدها: رؤية الهوى العاجل، فإن رؤيته تشغل عن الفكر فيما يجنيه، لأن عين الهوى عمياء !

الثاني: التسويف بالتوبة، فلو حضر العقل لحذر من آفات التأخير، فربما هجم الموت قبل أن تحصل التوبة.

الثالث: رجاء الرحمة فيقول العاصي: ربي رحيم، وينسى أنه شديد العقاب.

قـــــل للمــــفــرط يسـتــعد *** ما من ورود الموت بد

قــد أخلـــق الدهــر الشباب *** وما مضــى لا يسـتـرد

أو ما يخاف أخو المعاصي *** من لــه البطــش الأشــد

يــومــاً يعــاين موقـــــــــفاً *** فيــه خــطوب لا تحـــد

فــــإلام يشتـــغل الفــــــتى *** في لهـــوه والأمــر جد

شاب نشأ في عبادة الله:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله عز وجل، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه } [متفق عليه].

أخي الشاب:

ألا تريد أن يظلك الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؟

ألا تريد أن تأخذ كتابك بيمينك فتقول فرحاً مسروراً: هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ [الحاقة:20،19].

ألا تريد لقيا الأنبياء والمرسلين في جنات عدن؟

ألا تريد التمتع بالحور العين والجواري الحسان؟

ألا تريد النظر الى وجه الله الكريم؟ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:23،22].

ألا تريد نعيماً لا ينفذ وقرة عين لا تنقطع؟

إن كنت تريد ذلك فـ:

شمر عسى أن ينفع التشمير *** وانظر بفكرك ما إليه تصـير

طولت آمالاً تكنــفها الهـوى *** ونسيت أن العمر منك قصير

وكن كما كان هذا الشاب الذي حكى عنه بكر العابد، فقال تعبّد شاب صغير من أهل الشام فبالغ بالعبادة والاجتهاد، فقالت له أمه: يا بني ! لماذا لا تلهو مع الشباب الذين هم في مثل سنك؟ فقال لها الشاب الطائع: يا أماه ! ليتك كنت بي عقيماً.. ليتك لم تلديني يا أماه.. إن لابنك في القبر رقاداً طويلاً، وفي عرصات القيامة موقفاً مهولاً.. فقالت له: يا بني ! لولا أني أعرفك صغيراً وكبيراً لظننت أنك أحدثت حدثاً موبقاً، أو أذنبت ذنباً مهلكاً لما أراك تصنع بنفسك، فقال لها: يا أماه ! وما يدريني أن يكون الله عز وجل قد اطلع علي وأنا في ذنوبي فمقتني، وقال: اذهب فلن أغفر لك.

هكذا كان شباب الأمس، يعبدون الله تعالى، ويخافون ألا يتقبل الله منهم، أما شباب اليوم – إلا من رحم الله – فقد جمع بين التقصير بل التفريط والغفلة، ومع ذلك يظن كل واحد منهم النجاة يوم القيامة.

وصية نبوية:

عن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي أنه قال: { اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك } [الحاكم والبيهقي وصححه الألباني].

الإسلام وحظوظ النفس:

أخي الشاب: يخطئ من يظن أن طريق الاستقامة يمنع المتعة ويحرم البسمة، وينهى عن المزحة، ويحظر الشهوات على الإطلاق بل إنه ضبط هذه الأمور وفق حدود شرعية حتى لا يكون الإنسان عبداً لهواه وشهواته، فهناك انواع من المتع المباحة التي أقرها الإسلام وحث عليها، ومن ذلك:

أولاً: النكاح: فالنكاح حث عليه الإسلام، وجعله سبيلاً لضبط الشهوة، وطريقاً للمودة والرحمة بين الزوجين، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21].

ونظراً لقوة داعي الشهوة لدى الشباب خصهم النبي بالأمر به، فقال عليه الصلاة والسلام: { يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء } [متفق عليه].

وفي النكاح فوائد عظيمة منها:

1- أنه تنفيذ لأمر الله تعالى في كتابه.

2- أن اتباع لسنن الأنبياء والمرسلين وبخاصة سنة نبينا محمد .

3- به تحصيل المودة والرحمة والتعاون والألفة بين الزوجين.

4- به يتم التعارف والتآخي بين الأسر والعائلات.

5- به تحفظ الأنساب ولا تختلط.

6- به تحصن الفروج وتضبط الغرائز ولا يعتدي الناس بعضهم على بعض.

7- به يكثر النسل وتقوى شوكة الأمة ويهاب جانبها.

8- به يحصل الأجر لكلا الزوجين إذا عاشر كل منهما الآخر بالمعروف.

9- به تحفظ المجتمعات من الفساد والانحلال.

10- به يحفظ الزوجان من الأمراض الفتاكة التي تصيب من يقضي وطره بالطرق المحرمة.

أخي الشاب: وحرم الإسلام الزنى لما فيه من الأضرار الجسيمة على الأفراد والأسر والمجتمعات، فبالزنى تختلط الأنساب وتنتشر العداوة والبغضاء، ويظهر القحط ويعم البلاء، والزنى يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين، وذهاب الورع وفساد المروءة، وقلة الغيرة، فلا تجد زانياً معه ورع، ولا وفاء بعهد، ولا صدق في حديث، ولا محافظة على صديق، ولا غيرة تامة على أهله.

ومن نتائج الزنى:

1- غضب الرب سبحانه لانتهاك محارمه.

2- سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت.

3- ظلمة القلب وطمس نوره والوحشة وضيق الصدر.

4- الفقر اللازم للزناة ولو بعد حين.

5- السقوط من عين الله وأعين العباد.

6- الاتصاف بأخبث الأوصاف كالفاجر والزاني والخائن والفاسق.

7- نزع الإيمان من القلب، لقول النبي : { لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن } [متفق عليه].

8- التعرض للعذاب في جهنم مع الزناة والزواني.

9- الإصابة بالأمراض الفتاكة كالإيدز والهربز والسيلان.

10- فوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن.

ثانياً: الأكل والشرب: قال تعالى: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ [الملك:15].

1- أن يكون الطعام والشراب من الطيبات كما قال تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ [الأعراف:157]. فالدخان والحشيشة والخمر كلها من الخبائث المحرمة.

2- أن يكون بقدر الحاجة كما قال تعالى: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ [الأعراف:31].

3- أن يكون في غير الأوقات التي حرم الله فيها الأكل والشرب كنهار رمضان، قال تعالى: ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ [البقرة:187].

4- أن يكون الطعام والشراب من مال حلال، فإن كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به.

ثالثاً: الضحك والمزاح: فقد كان النبي يضحك، وكان يمزح، ولكن لا يقول إلا الصدق، فليس في الإسلام مكان لباطل ولو عن طريق المزاح والتفكه، وليس هناك نكات تروج للكذب، وتتخذ من السخرية مادة للضحك وتضييع الأوقات قال النبي : { ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له } [أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه الألباني].

رابعاً: الرحلات والزيارات: وهذه أيضاً من المتع المباحة شريطة ألا يتخللها معصية، من شرب للدخان أو استماع للملاهي أو التحدث بالرفث من القول وغير ذلك.

وفي ذلك يقول الشيخ ابن عثيمين: ( أحث الشباب على إقامة الزيارات فيما بينهم، حتى تتوطد الألفة والمحبة بين القلوب، وعليهم أن يدرسوا أحوالهم وأحوال أمتهم، ليكونوا كقلب واحد، ورجل واحد، وما أعظم ثمرة الزيارات إذا قرنت برحلات قريبة أو بعيدة، فإن لها أثراً كبيراً، وعلى المربين من الأساتذة والمديرين قسط كبير من هذا التوجيه ).

خامساً: الرياضة وتقوية الأبدان: فالمؤمن القوي خير واحب الى الله تعالى من المؤمن الضعيف، ويروى عن عمر أنه قال: ( علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل )، ولكن ينبغي للشاب أن يكون له نية صالحة في ذلك وهي الجهاد في سبيل الله والذب عن الشريعة والدفاع عن الدين والنفس والعرض والأرض والمال.

دع الفراغ وابدأ العمل:

أخي الشاب: ها نحن قد أخذنا الحديث وتكلمنا كثيراً، فلماذا لا نبدأ من الآن؟ أعترف أن البدايات قد تكون صعبة ولكن.. "عند الصباح يحمد القوم السرى".

وأذكرك بقول النبي : { نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ } [البخاري]. فكأنك المقصود بهذا الحديث أيها الشاب، فأنت في الزمان الصحة والقوة، وعندك كثير من الأوقات التي انشغل فيها غيرك بتدبير معاشهم والسعي في أرزاقهم، فلماذا لا تستثمر هذه الأوقات فيما يقربك الى الله، وفيما يكون ذخراً لك يوم القيامة؟

قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأبغض الرجل أراه فارغاً، لا في أمر دنياه، ولا في أمر آخرته.

وقال أبو العباس الدينوري: ليس في الدنيا أعز وألطف من الوقت والقلب، وأنت مضيع لهما !!

وقال يحيى بن معاذ الرازي: المغبون من عطل أيامه بالبطالات، وسلط جوارحه على الهلكات، ومات قبل إفاقته من الجنايات.

وقال أحد السلف: الليل والنهار يعملان فيك فاعمل أنت فيهما.

وقال عيسى عليه السلام: إن هذا الليل والنهار خزانتان فانظروا ما تضعون فيهما. وكان يقول: اعملوا لليل لما خُلق له، واعملوا للنهار لما خلق له.

وقال أبو زيد: إن الليل والنهار رأس مال المؤمنين، وربحهما الجنة، وخسرانها النار..

إنما الدنيـا الى الجــنة والنار طريق *** والليالي متجر الإنسان والأيام سوق!!

وقال إبراهيم بن شيبان: من حفظ على نفسه أوقاته فلا يضيعها بما لا رضى لله فيه، حفظ الله عليه دينه ودنياه.

وقال عمر بن ذر أنه كان يقول في مواعظه: لو علم أهل العافية ما تضمنته القبور من الأجساد البالية، لجدّوا في أيامهم الخالية، خوفاً من يوم تتقلب فيه القلوب الأبصار.

اغتنم في الفـراغ فضـــــل ركوع *** فعسى أن يكون موتك بغتة

كم من صحيح رأيت من غير سقم *** ذهبت نفسه الصحيحة فلتة

قال الإمام ابن رجب: "فالواجب على المؤمن المبادرة بالأعمال الصالحة، وقبل أن لا يقدر عليها، ويحال بينه وبينها، إما بمرض أو موت، أو بأن يدركه بعض الآيات التي لا يُقبل معها عمل"

وقال ابن الجوزي: واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، ففي الصحيح عن رسول الله أنه قال: { من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له بها نخلة في الجنة } [الترمذي، وصححه الألباني]. فكم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب الجزيل ! وهذه الأيام مثل المزرعة، فكأنه قيل للإنسان: كلما بذرت حبة أخرجنا لك ألف كرّ – والكرّ: مكيال يقدر بأربعين أردباً – فهل يجوز للعاقل أن يتوقف في البذر ويتوانى؟!

قال تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الزمر:54-58]. وقال تعالى: حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100،99].

وختاماً أخي الشاب:

1- اعلم أن عمرك رأس مالك فلا تضيعه فيما لا يفيد.

2- تخير أصدقاءك، واجتنب صحبة الأشرار ومجالسهم

3- حافظ على الصلاة فإنها سبيل النجاة، ولا تنم عن صلاة الفجر.

4- أسبغ الوضوء على المكاره، وأكثر الخطا الى المساجد وانتظر الصلاة بعد الصلاة.

5- بادر الى المسجد عند سماع الأذان فالله أكبر من كل شئ.

6- أكثر من الصيام فإنه دواء لكثير من أدواء الشباب.

7- عوّد نفسك الصدقة والبذل والعطاء، فإنه سبب لرفع كثير من البلاء.

8- بادر بأداء فريضة الحج ولا تؤخرها، والعمرة الى العمرة كفارة لما بينهما.

9- اجعل لك ورداً من القرآن كل يوم وحافظ عليه فخيركم من تعلم القرآن وعلمه.

10- أكثر من الذكر والدعاء في الليل والنهار، فإن الله تعالى يحب الذاكرين ويجيب دعاء الداعين.

11- طالع في سيرة النبي وسير أصحابه، لعلك تكتسب بعض صفاتهم.

12- داوم على حضور مجالس العلم، فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم.

13- عليك بالتواضع وإياك والكبر، فإنه لا يدخل الجنة متكبر.

14- إياك والحسد فإنه ذنب إبليس الذي طرد به من الجنة.

15- أطع والديك ولا تغضبهما فإنه لا يدخل الجنة عاق.

16- عيادة المريض وتشييع الجنائز وزيارة القبور من وسائل زيادة الإيمان والتذكير بالآخرة فلا تغفل عنها.

17- تبسمك في وجه أخيك صدقة فأحسن لقاء إخوانك.

18- إياك والغناء فإنه لا يجتمع في قلب عبد محبة الغناء ومحبة القرآن، فانظر أيها تختار.

19- تعوّد غض البصر عبادة المتقين.

20- كن في حاجة إخوانك، فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

  [ رجوع إلى قسم: الدعوة و التربية ]

المطويات المتوفرة: 584 يحق لكل المسلم إعادة النشر والاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الدعوي غير التجاري بشرط ذكر المصدر. 0.0406